الجمعة، ٩ ديسمبر ٢٠١١
ممدوح والجندي المجهول......(قصة قصيرة)
الأربعاء، ٢٦ أكتوبر ٢٠١١
أحصي تلك المواقف القليلة التي كانت بيننا، لكنني لا أحصي كم أثرت فيّ وكم تركت فى قلبي بصمات واضحة، ولا أتعجب، فتفسير ذلك أجده فى كل مَن حوله، وفي كل انسان عامله أو خالطه أو صاحبه.
أري آثاره واضحة، وإن لم يكن يسمع خطواته أحد، ألمس ابتسامته العذبة وصدره السليم النقس الطاهر فى إخوانه من بعده، ولعلهم إن قرئوا كلماتي تلك يبكون أذشد من بكائي الآن.
أذكر أيضا كيف عانقني من أسبوعين بدفء وصدق وحنان، ولو كنت أعلم الغيب، لأعطيت ذلك العناق حقه، فيالحسرتي، إذن نحسب أن أناسا لنا باقون، وأن تقصيرنا فى حقهم لن يدوم، وننسي أيـُّـنا يفارق أخيه أولا.........آآآآآآه ياليتني احتضنته وقتها بقوة، ياليتني قبلت رأسه يومها، ولكن....
وأذكر كيف كان خبر الحادثة فاجعا صادما عجيبا، شابٌ فى العشرينات من عمره يدق الموت بابه بلا موعد ولا استئذان، نزيفٌ فى المخ، وكسور خطيرة، وهو الآن فى العناية المركزة.....يــــــــــا الـــلـــــه أيُّ رسالة متكررة تلك؟!!
لا زلت أذكر وفاة (عمر عيد) فى العام الماضي، نفس العمر ونفس الروح البهية الملائكية، ونفس الحادثة.......وكأن الله يبعثها إلي قوية، أن انتظر دورك.
لا أعلم ما كان شعورى طوال هذين اليومين، أملٌ ضعيف فى البقاء، ورهبة شديدة من اللقاء، حتي أني ما ذهبت للمشفي، لكني سألت.....فأخبروني، وتخيلت، فبكيت، ذلك الوجه البشوش.......كيف صار الآن؟!!
ثم رجُّني خبر وفاته رجا، ودارت الدنيا من حولي، وتماسكت بقوة، وحاولت أن أحبس دموعي فلم أستطع، ونزلت مسرعا، فلما سألوني: أذاهبٌ أنت إلي هناك، قلت: لا فلن أستطيع، ولم أفق إلا وأنا أمام ذلك المبني (مستشفي الطوارئ) ونظرت إليه جيدا وقلت فى نفسي: لعلك الآن ترقد آمنا فى إحدي الغرف أخي، فبكيت بشدة إلي أن وجدت إخواني هناك واقفين، فزادتني دموعهم دموعا، وآلامهم آلاما، وسمعت أحدهم يقول: هو الآن فى الثلاجة.
فزاد البكاء عنفا عندما تخيلت هذا المنظر......أيا أيها الجسد الطيب المسكين، إن روحك الآن فرحة سعيدة فلا تجزع.
وأغمضت عيني وتخيلت نفسي مكانه، وعلمت كم أن هذه الحياة حقيرة تافهة لاتستحق، ثم تمثلت بعض إخواني مكانه، فعلا نحيبي ورفعت يدي أن يارب لاتتوفني إلا وأنت راض عني، ولاتتوفهم إلا وقد ضمنتَ لهم الجنة، وغرست فى قرارة صدورهم تجاوزا منهم عن زلاتي وعثراتي وأخطائي.
وتذكرتك ياأخي، وعلمت كم أن الله يحبك أن اصطفاك من بيننا، ليريحك من أذي هذه الدنيا، فلعله اشتاق إليك، واشتاق إلي روحك معه، فأخذك من بيننا، لتسأنس به عنا، وتسعد بقربه منا، وتشفع عنده لنا، فلا تنسنا.....
(الله أكبر....الله أكبر) وسمعت أذان العشاء، وكأنني أسمعه لأول مرة فى حياتي، فجففت دموعي بصعوبة، ثم أخرجت هاتفي فى لا وعي، وأرسلت له رسالة أعلم أنه لن يقرئها:
سبقتنا يا أخي إلي الجنة
الاثنين، ١٥ فبراير ٢٠١٠
أحبك فى الله
الثلاثاء، ١٩ يناير ٢٠١٠
حسبي الله ونعم الوكيل
إهداء لأمثال هؤلاء
http://www.youtube.com/watch?v=xy1vJI351 Kk&feature=player_embedded
بالله عليك، اقرأ التعليقات
الأربعاء، ٦ يناير ٢٠١٠
وفي كل يوم لي عظة وعبرة
إلي كل أساتذتي ومربيّ، الذين غيروا فيّ تغييرا جذريا وإن لم يلحظوه، لابحكم السن هم أساتذتي، ولكن بحكم ماقدموه لي من معانٍ ودروس وعبر.
ربما يستعجب البعض من مقالي، حيث أن شهرين اثنين مدة ليست بالكثيرة، لكنني تعلمت فيها مالم أتعلمه فى سنين، وتَغيَّرت فيها الكثير من صفاتي الشخصية والأخلاقية وحتي العاطفية.
لاتعجب من كلامي فلن يلاحظ الفارق، إلا انسان عرفني جيدا قبل دخولي الجامعة وبعدها، وقلما ستجد مثل هذا الإنسان، بل قل لن تجده، فلا يعرف حقيقتها –نفسي- إلا هي.
لاتسلني ماذا تعلمت ولاكيف ولامتي، فهذا أمرٌ يطول شرحه، وفي كل يوم لي عظة وعبرة، من كل موقف، من كل كلمة، بل من كل نظرة.....فقط منهم، من هؤلاء الذين ربوني.
علموني كيف أضحي، كيف أخلص، كيف أجود.
علموني المعني الحقيقي للأخوة، وأسمي وأعظم معاني الإيثار.
علموني كيف أحمل الهم، بل كيف أحمل العبء وإن لم يُلقَ عليّ.
علموني كيف أوازن العواطف، وكيف أزن الكلام.
علموني كيف أتكلم، كيف أضحك، كيف أبتسم، بل كيف أصمت.
علموني متي أخفي، ومتي أبدي، متي أقسو، ومتي أحنو،بل متي وكيف أجمع بينهما.
علموني كيف بالأخلاق أرقي، وبالله أ ُعزُّ، وبغيره أ ُذل.
علموني كيف أعَلـِّم، كيف أعطي، وكيف لاأنتظر.
وقبل كل هذا علموني كيف أتعلم، وكيف أستفيد من كل مواقف الحياة، حتي الشوكة أشاكها، فمنها دروس وعبر.
علموني أشياءا استطعت أن أحصيها فى الأوراق، وأخري نُقشت فى جدار القلب بكلمات من دم، علموني بقصد أو دون قصد، لكني تعلمت.
ولو أن واحدا منهم ظن أني أبالغ فأنا أستطيع أن أحصي له ماقدَّر الله لي أن أحصي من دروس، وأما ماسهوت عنه، فليغفر الله لي، فإني أسأت حفظ الدروس.
ربما لايشعر الأخرين بما تعلمت، بل ربما لايشعر أساتذتي نفسهم بما كتبت، ولكني ماأردت إلا أن أرد الفضل لأصحابه، وإن كان هناك الكثير الكثير ممن أفضالهم عليّ لكني لست أحسب كلماتي تصلهم.
والله لولا أني أعلم أن كل فرد منهم قد يغضب مني، لقبَّلتُ يديه وسط الناس أجمعين، أنا لاأبالغ، لكني سأخسر كثيرا إن فارقتهم، أو باعد بيننا الزمن.
ترددت كثيرا فى نشر هذا المقال....لكنني عزمت أمري وتوكلت.
كيف أخجل من ذكر أفضال أساتذتي، بل كيف أبخل على الآخرين بأن يعلموا أسمائهم.....أشدُّ ماندمت عليه، أني لم أتعرف عليهم منذ بعيد، فيامن كنتَ قريباً منهم، أنت فى نعيم لست تدركه إلا بعد فوات الأوان، فلا يَفُتْك كله.
(سامحَ الله من أراد يوما أن يحرمني من معانقتكم العطرة.)
إلي كل أساتذتي.......أنا آسف على المقال، ومن قبله آسف على التقصير، وآسف على ظنون كثيرة قد خيبتها......
الاثنين، ٢٨ ديسمبر ٢٠٠٩
لا تجزع......فهناك من يعاني من الآلام أضعاف ماتعاني
عرفتُه منذ أول العام، حسنُ الطلعة مضيء الوجه، تنظر إليه فيتغلغل فى أعماق قلبك، هادئ النفس، ليّن الطباع، ذو خلق رفيع ،متدينٌ حق التدين، وله رغبة كبيرة فى تغيير نفسه للأفضل، يَأسـِرُك بابتسامته التي لا تكاد تفارقه، لاتري على وجهه عَبَسا أو حزنا، وكأنه يعيش فى عالم آخر، أو أنه ماعرف الهم قط.....أو هكذا ظننت.
كانت معرفتي به سطحية، لكنها توطدت شيئا فشيئا، خاصة عندما قدَّرَ لنا القدرُ أن نجتمع فى أمر ما، قررت أن أتعرف عليه أكثر، فبادرت بالحديث عن نفسي وأسرتي، والكثير الكثير، ثم جاء دوره فبدأ حديثه قائلا: أسرتنا أربعة، وتوقف برهة ثم أضاف: أو كانت أربعة، لم أفهم ما قصد بكلمة كانت، لكنه تابع قوله، ماتت أمي، ثم صمت قليلا، وكأنه يمنحني الفرصة لأفكر، أو ربما يستعيد ذكريات حزينة، لكنه قطع حبل أفكاري وقال: ثم مات أبي، لم أدر ِكيف دمعت عيناي وقتها، لكنها دمعت كما تدمع الآن، ومرة أخري لم يمنحنني الفرصة لأجففها، فأضاف: تزوج أخي الأكبر وأنا في البيت وحدي، حاولت جاهدا أن أخفي دموعي، ربما نجحت، لكن نارا من الأسي واللوعة كانت مشتعلة فى قلبي، ولأول مرة فى حياتي كلها، أشعر بالعجز والضعف.......
حاولت جاهدا أن أخفف من حدة الموضوع وأحسبني نجحت، ثم ودعته بحرارة، وانطلقت وحيدا، وأخذت أتذكر كلماته، وأنا الذي ظننتُه ماعرفَ الوحدة قط، فعرفتُ أنها عَاشرَتْهُ سنين، وأنا الذي حسبتُ الهمَّ لمْ يسْلك إليه طريقا قط، فعرفت أنَّ الهمَّ كان طريقه، سامحك الله أخي، لكم احتقرتُ نفسي بعدها، ولكم احتقرتُ كلُّ همّ قد أهمني يوما، وبينما أنا كذلك وجدت دمعة تفر من عيني، وفي هذه المرة لم أمنعها، بل قل لم أستطع، فلقد تحولت القطرة شلالا.....
رأيته.......
وحيدا فى أقسي ظروف قد يُوضع فيها انسان، وحيدا بلا أب ولاأم، ولا حتي أخت أو أخ يُؤنِّسُ عليه وحْشَته أو يخفف عنه فراق والديه، وحيدا فى بلد غير بلدته طالبا للعلم والهمُّ طالبه، وحيدا وأراه كالجبال الشوامخ لا يهتز ولا يفكر فى ماضيه إلا لِمَامَا، وحيدا وفي قلبه ألف ألف همّ يخفيه عن الناس، في بيته وحيدٌ، فى أهله وحيدٌ، لكنه ليس من أحبابه ومني وحيدٌ، وكذاك أحسبه من ربه.
سامحني الله على ماكتبت، فإني لاأتمني أن يري مقالي يوما، حتي لا يظن أني أشفق عليه، فإن قرأها، فليعلم أني عندما أراه يزول همي وتنكشف كربتي، وأشعر بسكينة واطمئنان فى قلبي، وماكتبت ماكتبت إلا لأني منه تعلمت ولأجله تألمت.....
بالله عليكم لاتسألوني عن اسمه.........فلن أجيب.
السبت، ١٤ نوفمبر ٢٠٠٩
بين القدس.... والكأس
فى البداية.... إن كنتَ متعصبا رياضيا، فلا أنصحك بقراءة هذا المقال، فقد يكون سببا فى إنقاص قائمة الأصدقاء لديك واحدا، عموما إن قرأت المقال وظلت عصبيتك الكروية على حالها، فأنا أفخر بإنقاص قائمة الأصدقاء لدي واحدا........(قلت لك لا تقرأ المقال)
شئ جميل أن نجتمع كلنا على شئ واحد، وأن يكون هذا الشئ سببا فى جعل المصريين يدا واحدة، لكن ماليس جميلا إطلاقا أن يكون ذلك الشئ تافها...... إلى أقصي الحدود، وأن يكون ماهو أولي وأحق بأن نجتمع عليه، ثم تُفاجأ بأن نصف الشعب لايتضامن معك، وإن فعل فبلا حماسة، أو قل ببرود لايُوصف، فقط إرضاءا لضميره، أو حَرَجا منك، أو لعله حتي لايعلم، لا تعجب فهذا أمر طبيعي، فمن اجتمعوا على التفاهة محال أن يجتمعوا على الجد، ومن اجتمعوا على الباطل محال أن يجتمعوا على الحق.....
باطل؟!! وأيُّ باطل؟؟!! ذاك قد يكون سؤالك...... بالله عليك أي شئ قد يكون سببا فى مبادلة مشاعر الكره والبغض بين دولتين يَدِينان بدين واحد، قبل أن يدينا بلغة واحدة، لا سبب مهما عظم – أو هكذا أظن – ولكننا اليوم نتباهي بأن قطعة جلد منفوخة - كإربة من جلد حمار – نجحت فى ماعجز عن فعله أعداء الإسلام لمدة تزيد على ألف وأربعمائة عام، أنا لاأهوِّل ولاأبالغ، ولكن اسمع التعليقات على الإنترنت، أو في حارات مصر وساحات الجزائر، فمرحي لكرتنا الحمقاء.......مرحي لها....
ثم ماذا..... من للقدس؟؟!!! أهؤلاء المتعصبون العابثون الذين قد يقتلون بعضهم من أجل تذكرة، أو توقيع رخيص من لاعب؟؟ أم الذين قد يقتلون فريق منتخبهم، ويدمروا ممتلكاته إن خسر اليوم؟؟ لكي الله ياقدس، ومالكي سواه...... حسبي الله ونعم الوكيل، لو أننا نحارب يهودا، لانلاعب عَرَبا، مافعلنا مافعلنا.
وفى النهاية، كلمة أخيرة لكل متعصب رياضي، لك الحق أن تفخر بتعصبك أشد الفخر، أحْسُدُك عليه، واحْسِدْ نفسك عليه، فإننا إن فزنا بالكأس لا بالقدس، أو حتي تأهلنا للكأس، لاتأهلنا لتحرير القدس...... فالفضل يعود إليك، أتعلم لماذا، لأن تعصبك هذا سيكون سببا فى فوز منتخبنا، فإنهم يعلمون ماسَيَلقوْن إن خسروا اليوم، سواء بالسباب أو التعرض لهم ولأعراضهم، وأظن أن أجهزة الدولة كلها أمس ظلت تقوم الليل كله تدعوا الله كما لم تدعه من قبل، وتصلي له كما لم تصل من قبل، بأن يفوز منتخبنا الكريم، لارجاءا فى الفوز، بل خوفا من الهزيمة التي قد تسبب انقلابا لم يسببه حرمان لقمة عيش، ولا طغيان ظلم ظالم......
حّقَّ لكي أن تبكي ياأمتي.....ِ